الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: لا مـــقـارنــــة بـــيــــن قايد السبسي والـمرزوقي

نشر في  17 ديسمبر 2014  (10:03)

 بقلم: محمد المنصف بن مراد

لن أصوّت لفائدة المنصف المرزوقي انطلاقا من قناعات ثابتة ولن أهتمّ بالجزئيات مثل فواتير أنونيموس أو ميزانية رئاسة الجمهورية لأنّ التاريخ وحده سيحكم له أو عليه.. لن أصوّت له لأسباب عديدة أوّلها أنّه مرشّح حزب النهضة وأقليات متشدّدة وعنيفة وبعض رافضي رجوع «الوجوه التجمّعية» ومرشّح له قناع وكل شعبيّته أسندت له من طرف النهضة! لقد ارتكبت النهضة خطأ كبيرا سيؤدي الى انقسام داخلي وذلك عندما خيرت المرزوقي على الشابّي أو بن جعفر وخاصّة على حمادي الجبالي..
وبفضل النهضة التي وضعت على ذمّة المرزوقي رجالها ونساءها وهياكلها وشبكاتها وامكانياتها قفز مرشح المؤتمر من 66.000 صوت إلى ما يناهز 1.900.000 صوت، فحركة النهضة زارت المدن والأحياء والقرى «لاقناع النّاخبين» واليوم تواصل بوسائلها «الخاصة» محاولة جلب 500.000 ناخب لم يشاركوا في الدورالأول ..  هذا التصرّف أغضب حمادي الجبالي الذي لم يغفر للقيادة الحاليّة تخلّيها عنه وهو الذي يعتقد أنّ له حظوظا في سباق رئاسة الجمهورية!.. ناهيك أنّ المرزوقي ليست له شعبية كبيرة ولا أنصار كثيرون بل كلّ ما في الأمر أنّه استفاد  من مخزون النهضة الانتخابي فبات يعتقد أنه «عملاق».

لنذكّر بعجالة بأنّ المرزوقي لم ينجز ما وعد به قبل انتخابات 2011، من ذلك أنه لم تكن له مواقف حازمة عندما واصلت الحكومة في تداينها المهين والخطير في حين كان من المفروض فرض التقشّف.. كما لم يكن حاسما في الإذن بإعداد مخطط شامل لمكافحة الارهاب بجدية ولا في التصدّي  لاختراق المؤسّستين الأمنية أو العسكريّة.. ولقد شاهده الشعب التونسي يستقبل بعض الدعاة المتشددين وأعضاء من ميليشيات «حماية» الثورة،  وفضلا عن ذلك فانّه لم يتدخل بحزم لفائدة الولايات المهمّشة حتى تتمتّع ببعض الامتيازات وتنتفع بميزانيات خاصّة وبمداخيل الموارد الطبيعية المحلية.. أمّا علاقته باتحاد الشغل فكانت كارثية علاوة على تعامله السيء مع معظم الإعلاميين لأنهم كانوا سدّا منيعا أمام المتشدّدين الدّينيين وانتقدوا مواقفه السياسيّة المتعصّبة.. وقد زرع المرزوقي بذور انقسام الشعب التونسي الى شعبين، فبعد أن اعتبرت النهضة أن تونس متكوّنة من مسلمين وعلمانيين، اكد المرزوقي انّ شعب تونس ينقسم الى «ثوريين ديمقراطيين» من جهة والى «أزلام النظام السابق» من جهة أخرى! وتناسى  أنّ في الرياضيات وفي السياسة كما هناك خصم هناك جمع!

أمّا على الصعيد الخارجي فأغلب التونسيين مازالوا مندهشين من دفاعه عن قطر ومن استنساخ مواقفها الديبلوماسيّة  كما تهجّم على التغيير الذي حصل في مصر واعتبره انقلابا إضافة الى مساندته «للشرعيّة» العنيفة في ليبيا التي تهدّد استقرار بلدنا واستقرار الجزائر..
فالمرزوقي ليست له خصال رجل دولة ولا التكوين السياسي الذي يسمح له بتحليل المشاكل بكل رصانة ونحن ننصحه بقبول النتائج وإلاّ كان سببا في كوارث وسقوط ضحايا وشوّه صورة بلادنا في العالم!
أمّا القايد السبسي فانّ خبرته ومواقفه المعتدلة وشعوره بالمسؤولية تجعل منه رجل دولة سيحسن التعامل مع كل القوى السياسيّة بمن في ذلك حركة النهضة لأنّه يعرف جيّدا موازين القوى ويجيد قراءة الخارطة السياسيّة بكلّ مكوّناتها ويرفض كلّ ما من شأنه أن يضرّ بتونس، والى هذا فهو رجل مبادئ حريص على خدمة بلاده، والثابت أنّه سيكتفي بولاية واحدة نظرا الى ما تحتاج اليه قيادة الدولة من جهد وعمل مضن.
وعلى الصّعيد الأمني لا أحد يشكّ انّه إذا نجح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة فسيحاول السبسي تحييد وزارة  الداخلية وتحريرها من ضغوطات المندسّين والمخترقين، بما سيسمح بشنّ حرب استباقية جدّية على الارهاب والتهريب والمتاجرة بالأسلحة، كما سيهتمّ بالمؤسّسة العسكريّة حتى تلعب دورها الطبيعي كاملا في الدّفاع عن حرمة أرضنا.. انّ انتعاش الاستثمار والسياحة وتعزيز النمو الاقتصادي رهين مكافحة الارهاب، مع العلم أنّه لن يكون من السهل وضع حدّ للاختراقات ولا توفير المال الكافي لاقتناء الآليات والمعدّات، لكن مع الباجي ستحدث تغييرات هامّة ينتظرها أغلب الشعب التونسي بفارغ الصبر..
وبخصوص التسميات الكبرى في الإدارة، لا أعتقد  انّ سي الباجي سيمنحها للأصدقاء أو الأقارب أو أعضاء من حزبه لأنّه رجل دولة محترف لا يقبل بتغليب مصالحه ومصالح حزبه على مصالح الدولة وسيكون مدافعا شرسا عن الحرّيات وحقوق المرأة.
لكلّ هذه الأسباب سأصوّت لفائدته وأدعو كلّ شعب اليسار للعمل بالمثل لتجنيب تونس رئاسة منحازة وخطيرة...